حبيبة الله
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


للدعم و المساعدة
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الكونية و مسألة التنوع الثقافي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
amira
Admin
amira


عدد المساهمات : 152
تاريخ التسجيل : 06/02/2013
العمر : 26
الموقع : animi.montadamoslim.com

الكونية و مسألة التنوع الثقافي Empty
مُساهمةموضوع: الكونية و مسألة التنوع الثقافي   الكونية و مسألة التنوع الثقافي Icon_minitime1الثلاثاء أبريل 02, 2013 11:16 am

في الكونية ومسألة التنوع الثقافي lol! queen cherry santa farao اليحياوي





من النافل القول, بداية هذا القرن, إن العالم يعيش تحت وطأة عولمة اقتصادية ليبرالية الطبيعة والتوجه, وتحت تأثير طفرة تكنولوجية كبرى قوضت إلى حد بعيد ثنائية الزمن والمكان تماما كما قوضت الأولى (العولمة أعني) ثوابت الحدود الوطنية والتراب الوطني والسياسات الوطنية وغيرها.



ولئن أضحت معظم الأسواق (على الأقل المالية منها) شديدة الارتباط ببعضها البعض, خالقة بذلك فضاء اقتصاديا "عالميا" تنتظم بصلبه مختلف تيارات السلع والخدمات, فإن تكنولوجيا المعلومات وشبكات الاتصالات قد خلقت, موازاة وذلك, فضاء افتراضيا " كونيا" تنتقل شتى أشكال الرموز والبيانات بداخله في زمن آني ودونما رادع جغرافي أو سياسي كبير يذكر.



إلا أن جنوح العولمة والكونية إلى استنبات معتقدات وتصورات و" قيم" السوق بجل الفضاءات العالمية (لدرجة تطلعها لخلق مجتمع للسوق), لا يقدم فقط في كونه غدا تهديدا للقيم والتمثلات التي تؤسس للهويات الثقافية, بل وبالأساس في كونه توجها بجهة وأد مبدأ التنوع الثقافي باعتباره شرطا من شروط بقاء الجنس البشري.



ولما كانت الثقافة هي مجموع السمات الروحية والمادية, الذهنية والنفسية التي تميز مجتمعا ما أو جماعة بشرية ما, وتضم الفنون والآداب وأنماط الحياة وطرق العيش المشترك ونظم القيم والتقاليد والمعتقدات, فإن تغييب مبدأ التنوع الثقافي (وفي صلبه مبدأ التعدد والاختلاف) إنما هو تغييب لكل هذه المظاهر لفائدة مظاهر أخرى "أقوى" أو تدمير لمقومات ذات التنوع لاعتبارات فوق- ثقافية أو على خلفية من مواقف طائفية أو إثنية أو لغوية أو تاريخية أو غيرها.



ثم لما كان التعدد الثقافي هو مجموع المعارف التقليدية ومختلف أشكال الإبداع والممارسات التي تعتمدها المجموعات والهويات الترابية والمحلية, فإن الحفاظ على ذات التعدد هو من الحفاظ على التنوع الثقافي تماما كالحفاظ على التعدد بالطبيعة والذي هو من الحفاظ على التنوع البيولوجي الضامن لبقاء الكائنات والنباتات والحيوانات وباقي أشكال الحياة, بل قل إن التمييز بين التنوع الثقافي والتنوع البيولوجي غير دقيق وشكلي لا على اعتبار نقط الالتقاء بينهما فحسب, بل وأساسا بحكم احتكامهما معا إلى محيط طبيعي يتغيأ البقاء.



ومعنى هذا أنه بقدر ما لا يمكن فهم أو الحفاظ على المحيط الطبيعي دونما فهم (والحفاظ) على الثقافات الإنسانية التي صاغته لزمن طويل غابر, فإنه لا يمكن فهم التنوع الثقافي دونما اعتبار للمحيط الطبيعي الذي تنتمي إليه الثقافة وتتطور في ظله.



ومعناه أيضا أن المفروض, زمن الكونية وتزايد منطق التجارة والسوق, إنما ضبط "العلاقات بين التعدد الثقافي والبيولوجي والمخاطر المشتركة التي تتهددهما, وكذا أنماط الاستهلاك والإنتاج غير القابلة للتجديد...والمخاطر التي تطرحها العولمة بوجه التعدد الثقافي والمعارف التقليدية سيما بالنسبة للجماعات الآيلة للانقراض".



ليس من المبالغة في شيء إذن الاعتقاد بأن المطالبة بصيانة مبدأ التنوع البيولوجي إنما هو من المطالبة بصيانة مبدأ التنوع الثقافي والعكس بالعكس, إذ لو سلم المرء بأن التنوع الثقافي إنما هو حق لا يقبل التجزيء في قناعة الأفراد والجماعات, فإن صيانته والمحافظة على بقائه يبقى رهين قدرة هؤلاء على ترويجه وإشاعة منظومته في الزمن والمكان.

فضمان حرية تعبير مختلف أشكال الممارسة الفنية والثقافية والاجتماعية والدينية والفلسفية هو من ضمان الحق في التنوع الثقافي تماما كما هو الشأن فيما يتعلق بإسناد الممارسات الثقافية التي من شأنها إبراز وتوسيع مجال الهويات الثقافية وانفتاحها على ما سواها من هويات.



لكن المفارقة أنه في حين أن طفرة تكنولوجيا المعلومات والثورة التي حملتها الشبكات الألكترونية (سيما الإنترنيت والمتعدد الأقطاب) تدفع بجهة المساهمة في صيانة ذات التنوع (عبر تجميع المخزون الثقافي والعمل على ترويجه على نطاق واسع), فإن الكونية تبدو ولكأنها على النقيض من ذات السلوك. فهي لا تقتصر على اعتبار مسألة التنوع الثقافي مسألة ثانوية لا أولوية لها في صياغة النظام الكوني, بل وتعتبرالثقافة " سلعة خالصة" لا تختلف في إنتاجها وإعادة إنتاجها واستهلاكها عن باقي السلع الرائجة...تماما كما هو الحال بإزاء التعليم أوالتربية أوالصحة أوما سواها.



التنوع الثقافي إذن في محك حقيقي من العولمة والكونية وإن كان ذات المحك نسبيا فيما يتعلق بالشبكات الألكترونية والتكنولوجيا المعلوماتية وما سواها ... ولما كان التنوع اللغوي هو التجلي الأكبر لمبدأ التنوع الثقافي, فإنه غدا زمن العولمة والكونية الأكثر عرضة للتهديد والخطر, إذ باندثاره أو انقراضه أو تراجع مفعوله سيندثر ويتراجع مفعول الثقافة التي تعتبر اللغة "الناطق باسمها", المعبر عن رمزيتها.



وبقدر ما أن التنوع الثقافي هو في محك من العولمة ومن تسيد اقتصاد السوق ومنطقه, فإن التنوع اللغوي ذاته في محك ذلك وأكثر:

+ فهناك أكثر من خمسين لغة بالقارة الأوروبية مهددة, بعضها في عداد اللغات المحتضرة كما هو الشأن بشمال روسيا والبلدان الأسكندنافية مثلا.

+ وهناك بإفريقيا, أكثر من 250 لغة مهددة بالانقراض وما بين 500 إلى 600 لغة في مرحلة تقهقر وتراجع ضمن ما يزيد عن 1400 لغة محلية.

+ وهناك, من أصل 104 من اللغات الهندية/الأمريكية, 19 في حالة احتضار حقيقي و28 لغة مهددة.

هناك, بالمحصلة, أكثر من ثلاثة آلاف لغة مهددة بالخطر في العالم وبمستويات مختلفة, أي ما يعادل نصف ما هو قائم من لغات على وجه الأرض.



وهناك بالمقابل, سيادة شبه مطلقة "للغات العالمة" ليس باعتبار خاصية ما تميزها أو على اعتبار " سمو" بنيتها التركيبية أو ما سوى ذلك, ولكن لكونها أضحت لغة المال والأعمال والتكنولوجيا والبحث والتطوير وغيرها, أي لغة الدول (الدولة تحديدا) الأقوى اقتصاديا وماليا وتكنولوجيا وبحثا علميا وما إلى ذلك.



ولما كانت الدول الأقوى تلك هي في الأصل المتحكمة في آليات العولمة والكونية والمتحكمة في ناصية التكنولوجيا والشبكات الألكترونية أجهزة ومحتويات, بنى أساسية ومضامينا وقدرات اقتصادية, فإنها بالتالي هي التي تفرض لغتها وتشيع بالعالم منظومة قيمها وطرق تفكيرها وأنماط إنتاجها واستهلاكها ومختلف أساليبها في الإدارة والتنظيم والأعمال وما سواها.



صحيح أن انقراض العديد من لغات العالم وضعف البعض الآخر وانتقال أخرى إلى مراتب دنيا, هو أمر سابق على العولمة وطفرة التكنولوجيا والشبكات (سيما مرحلة الاستعمارات), لكن طبيعة العولمة والطفرة إياها إنما دفعت و تدفع بقوة دائما باتجاه إذا لم يكن انقراض ذات اللغات فعلى الأقل تهميش من لا قدرة لها على الصمود والمقاومة.



قد تكون الثقافة حصرا هي المستهدفة لا اللغة, مادام أن الثقافة "الأقوى" إنما تستهدف اختراق الثقافات "الدنيا" بغرض ابتلاعها (يقول نعوم تشومسكي)... ابتلاع الهويات وابتلاع الانتماءات. لكنها تبدو, في البداية كما في نهاية المطاف, المدخل الذي لا مدخل سواه لذات الاختراق.

بالمقابل, فهيمنة اللغة الإنجليزية مثلا ليس بالضرورة مترتبا عن قوة ما بداخلها أو بتركيبتها البنيوية, بل ناتج عن لجوء الأفراد والجماعات إليها مادامت هي المروجة للمعلومات والبيانات والمعطيات والمعارف وما سواها.



يبدو الأمر إذن ولكأن الإشكال غير كامن في اللغة كأداة بقدر ما هو كامن فيها باعتبارها أو باعتبار كونها تعبيرا عن منظومة للقيم والأفكار والتمثلات.



وعلى هذا الأساس, فقد لا يكون "الجانب الأول" من اللغة مثار إشكال بالنسبة لفاعلي العولمة بقدر ما هو كذلك وأكثر بالنسبة للبعد الثقافي.

والمقصود هنا أن ما قد يحول دون تكريس العولمة والكونية ليس الأدوات الإجرائية, بل المعطيات البنيوية التي قد يكون من " طبيعتها" المصادمة والرفض.



بالتالي, فتسيد اللغة الإنجليزية, زمن العولمة والشبكات الألكترونية, إنما هو من تسيد السوق ومن تسيد آلياته وميكانيزماته, وليس بأي حال من الأحوال من تسيد الثقافة التي تعتبر الإنجليزية مروجها وناشرها وفاسح المجال في كونيتها.



وعلى أساسه أيضا يبدو ولكأن اللغة الإنجليزية والثقافة الثاوية خلفها, لا تضاد التنوع اللغوي أو الثقافي بل تقدم في كونها تعبيرا عن موازين للقوى اقتصادي وسياسي وعلمي وتكنولوجي وثقافي وغيرها يجعل منهما القويتان, المهيمنتان والمسيطرتان.



وبقدر ما لا يمكن الجزم قطعا بأن تقدم العولمة والكونية سيفضي حتما إلى انقراض جزء كبير من لغات العالم أو يؤدي إلى وأد التنوع والتعدد الملازمين بيولوجيا لثقافات الشعوب وهوياتها, فإنه لا يمكن القطع أيضا بأن لفورة التكنولوجيا المعلوماتية والشبكات الألكترونية أثر مباشر في اندثار ذات اللغات أو تقويض ذات التنوع.



والواقع, مرة أخرى, أن هيمنة اللغة و"الثقافة" الإنجليزية على معظم التيارات المادية واللامادية العالمية إنما يشي بحقيقة اختلال موازين القوة لفائدتهما والمبني على المال والأعمال والاقتصاد لا على اللغة والثقافة.



بالتالي, فمكامن التهديد إنما تتأتى من " مجتمع السوق" المتزايد التصاعد من لدن فاعلي العولمة والشبكات لا من قوة ذات اللغة أو الثقافة أو ما سوى ذلك, إذ"على الرغم من وجود صناعة موسيقية محلية (مثلا) بمعظم البلدان, والتي تزود السوق الداخلي بعطاءات جيدة مضمنة لرسائل ثقافية ذات خصوصية, فإنه بمجرد بلوغها مرحلة ما من التطور حتى تقتحمها الصناعة الدولية لتؤثر في أسلوب الموسيقى المعروض للاستهلاك وفي الشروط التي ينتج بها الأفراد المحليون موسيقاهم".



ليس المطلوب من الدول هنا الدفاع المؤسساتي عن ثقافتها, بل وبالأساس العمل من لدنها على " مزج السمات الأساسية لثقافتها...مع الثقافة الكونية الجديدة التي تحكم الفنون التشكيلية والصور المزمع ترويجها عبر وسائل الإعلام السمعية/البصرية والألكترونية المتعدية الحدود" وهكذا.



والثقافة الكونية الجديدة المقصودة هنا إنما تحيل أساسا على البعد الفضائي أي إلى أن "مبدعا ما (مثلا) قد يأتي من أي مكان من الأرض, يستخدم أدوات آتية من أماكن مختلفة ويخاطب سكان أي منطقة من مناطق العالم".



وعلى خلفية ذلك, فلو سلم المرء جدلا بأن لا ميزة اليوم " للسوق الثقافي" قياسا إلى ما سواه من أسواق, فإنه سيسلم جدلا أيضا بأنه لن يكون بالتأكيد ضامنا للتعدد فما بالك بالتنوع أو بغيره.

ومعنى هذا أنه إذا لم يعد من " مستقبل كبير" يذكر للسياسات الثقافية الوطنية (وللسياسات اللغوية أيضا) بحكم اندغامها في السياسات الاقتصادية (أو ما تبقى منها), فإن ذات السياسات أضحت حتمية على الأقل في جانب الحفاظ على التنوع الثقافي بين أضلع البلد الواحد وفيما بين مختلف البلدان الأخرى.



تقول منظمة اليونسكو بهذا الخصوص: "إنه لمن المهم أن فضاءات كالمتاحف الوطنية والمدارس العمومية للفن ومراكز الأبحاث والتجريب الفني...أن هذه الفضاءات تدعم من لدن الدولة أو من لدن وحدات مشتركة بين السلطات العمومية والمقاولة الخاصة والمجموعات المستقلة كي تساهم مجتمعة في ألا يضحى بمصالح وحاجيات الجماهير في الميدان الإعلامي والترفيهي والتجريبي لفائدة الربح".





والعمليات هاته لا تسير فقط في سياق تقويض مرتكزات التنوع الثقافي, بل وأيضا مرتكزات الثقافة مادامت تسير في اتجاه إخضاع الأشكال التقليدية والمحلية لإنتاج وترويج الثقافة لفائدة سلطان صناعات الاتصال الجماهيري الجامح.



وعلى هذا الأساس, فصيانة التنوع الثقافي, في ظل الكونية والعولمة وتزايد تيارات السلع المادية واللامادية العابرة للحدود لا ينحصر فقط (ولا يجب أن ينحصر) في المحافظة على التنوع الطبيعي للثقافة بين مجتمع وآخر, بين مجموعة بشرية وأخرى, بل ويجب أن يتعدى ذلك إلى مستوى المحافظة على البنى التحتية الأساسية التي هي حامل ذات التنوع ورافعته الموضوعية.



جريدة العلم, 29 يونيو 2004. flower jocolor rendeer sunny Sleep

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mosli.ahlamontada.com
 
الكونية و مسألة التنوع الثقافي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الانسان كائن الثقافي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
حبيبة الله :: الفئة الأولى :: المنتدى الأول :: للمواضيع و الدروس-
انتقل الى: